سلس البول هو حالة طبية شائعة تؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم، وتتميز بفقدان السيطرة على المثانة مما يؤدي إلى تسرب غير إرادي للبول. يمكن أن تؤثر هذه الحالة على الأفراد من جميع الأعمار، ولكنها تكون أكثر شيوعًا بين كبار السن والنساء بعد الولادة. يتسبب سلس البول في مجموعة متنوعة من المشكلات النفسية والجسدية، بما في ذلك الإحراج، التوتر، وانخفاض جودة الحياة. يمكن أن يكون لهذا الاضطراب تأثير كبير على الأنشطة اليومية والعلاقات الاجتماعية، مما يستدعي ضرورة فهم أسبابه وتحديد خيارات العلاج المناسبة. في هذا المقال، سيستعرض الدكتور أحمد شعبان استشاري المسالك البولية أسباب سلس البول، أنواعه، وطرق العلاج المتاحة لتحسين حياة الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة.
أسباب سلس البول
سلس البول قد يكون نتيجة لمجموعة من العوامل، بدءًا من العادات اليومية إلى الحالات الطبية الكامنة والمشكلات البدنية. لذا، يمكن أن يساعد التقييم الشامل من الطبيب في تحديد السبب الرئيسي لمشكلة سلس البول.
فيما يلي نوضح أسباب سلس البول:
أسباب سلس البول المؤقت
يمكن لبعض المشروبات والأطعمة والأدوية أن تؤدي إلى زيادة نشاط المثانة، مما يؤدي إلى زيادة كمية البول. تشمل هذه المحفزات:
- الإكثار من المشروبات المحتوية على الكافيين مثل الشيا أو القهوة أو مشروبات الطاقة أو المشروبات الغازية.
- المحليات الاصطناعية.
- الشوكولاتة.
- الفلفل الحار.
- الأطعمة المحلاة أو الحمضية، أو الحارة.
- أدوية القلب وضغط الدم، المهدئات، ومُرخيات العضلات.
- يمكن أن ينجم سلس البول المؤقت عن الإصابة ببعض الحالات الطبية التي يمكن علاجها بسهولة، مثل:
- التهاب المسالك البولية: يمكن أن يسبب التهاب المثانة الشعور برغبة ملحة في التبول، وفي بعض الأحيان، سلس البول.
- الإمساك: يقع المستقيم بجوار المثانة ويتشارك معها في العديد من الأعصاب. البراز الصلب في المستقيم قد ينشط هذه الأعصاب بشكل مفرط، مما يزيد من الحاجة للتبول.
سلس البول المستمر
يمكن أن يكون سلس البول أيضًا حالة دائمة ناتجة عن مشاكل بدنية أو تغييرات جسمية، بما في ذلك:
- الحمل: التغيرات الهرمونية وزيادة حجم الجنين يمكن أن تؤدي إلى سلس البول الإجهادي.
- الولادة: الولادة الطبيعية قد تضعف العضلات المسؤولة عن التحكم في المثانة. وتؤدي إلى تلف أعصاب المثانة والأنسجة الداعمة لها. مما قد يتسبب في تدلي القاع الحوضي. قد يتسبب هذا التدلي في دفع المثانة أو الرحم أو المستقيم أو الأمعاء الدقيقة إلى أسفل عن وضعها الطبيعي، مما يرتبط بسلس البول.
- التغيرات المرتبطة بالعمر: مع تقدم العمر، قد تنخفض سعة تخزين البول في المثانة، وقد تزداد تقلصات المثانة اللاإرادية.
- انقطاع الطمث: بعد انقطاع الطمث، ينتج الجسم كميات أقل من هرمون الإستروجين، الذي يساعد في الحفاظ على صحة بطانة المثانة والمستقيم. تدهور حالة هذه الأنسجة قد يؤدي إلى تفاقم سلس البول.
- تضخم البروستاتا: مع التقدم بالعمر، قد يتسبب تضخم غدة البروستاتا الحميد، في سلس البول.
- سرطان البروستاتا: قد يرتبط سلس البول، سواء كان إجهاديًا أو ملحًا بسرطان البروستاتا غير المعالج. أو يكون أثرًا جانبيًا لعلاجات سرطان البروستاتا.
- الأورام: يمكن أن يمنع الورم في أي مكان على طول المسالك البولية التدفق الطبيعي للبول، مما يؤدي إلى سلس البول الفيضي. كما يمكن أن تسبب حصوات البول، وهي تكتلات صلبة في المثانة، تسرب البول.
- الاضطرابات العصبية: قد تؤثر أمراض مثل التصلب المتعدد، مرض باركنسون، السكتة الدماغية، أورام المخ، أو إصابات الحبل النخاعي على إشارات الأعصاب المسؤولة عن التحكم في المثانة، مما يسبب سلس البول.
عوامل الخطر
تتعدد العوامل التي قد تزيد من احتمالية الإصابة بسلس البول، ومنها:
الجنس
النساء أكثر عرضة للإصابة بسلس البول الإجهادي، وذلك بسبب عوامل متعددة تشمل الحمل، الولادة، وانقطاع الطمث، بالإضافة إلى التكوين التشريحي للأنثى.
بينما يواجه الرجال، الذين يعانون من مشاكل في غدة البروستاتا، خطرًا أكبر للإصابة بسلس البول الإلحاحي والفيضي.
زيادة الوزن
الوزن الزائد يضع ضغطًا إضافيًا على المثانة والعضلات المحيطة بها، مما قد يؤدي إلى ضعفها ويسمح بتسرب البول عند السعال أو العطس.
التدخين
التدخين قد يكون عاملًا يسببب تفاقم أعراض سلس البول.
التاريخ العائلي
إذا كان أحد أفراد العائلة المقربين يعاني من سلس البول، خصوصًا سلس البول الإلحاحي، فإن خطر الإصابة بهذه الحالة قد يرتفع.
المُعاناة من مشاكل أخرى
بعض أمراض الأعصاب قد تزيد من احتمالية الإصابة بسلس البول، نظرًا لتأثيرها على التحكم العصبي في المثانة.
اقرأ أيضًا: ما هي جراحة الهوليب؟
أنواع سلس البول
تتنوع أنواع سلس البول، ومنها:
سلس البول الإجهادي
يحدث تسرب البول في هذا النوع عند الضغط على المثانة نتيجة:
- السعال.
- العطس.
- الضحك.
- ممارسة الرياضة.
- رفع أوزان ثقيلة.
سلس البول الإلحاحي
يتسم بالإحساس المفاجئ والقوي بالحاجة للتبول، يتبعه تسرب غير إرادي للبول. قد تتكرر الحاجة للتبول بشكل متكرر، بما في ذلك خلال الليل.
يمكن أن يكون هذا النوع ناتجًا عن حالات بسيطة مثل التهاب، أو مشكلات أكثر تعقيدًا مثل اضطرابات عصبية أو داء السكري.
سلس البول الفيضي
يتمثل في تسرب قطرات بول بشكل متكرر أو مستمر بسبب عدم قدرة المثانة على إفراغ نفسها بالكامل.
سلس البول الوظيفي
يحدث بسبب عدم القدرة على الوصول إلى المرحاض في الوقت المناسب. وذلك بسبب مشاكل إعاقة. على سبيل المثال، قد تؤدي إصابة التهاب المفاصل الحاد إلى صعوبة في فك أزرار البنطال بسرعة كافية.
سلس البول المختلط
يتضمن أعراضًا من نوعين أو أكثر من سلس البول، وغالبًا ما يعكس مزيجًا من سلس البول الإجهادي وسلس البول الإلحاحي.
اقرأ أيضًا: المتبرع بالكلى بعد العملية هل تتأثر صحته؟
الأدوية لعلاج سلس البول
توجد مجموعة محدودة من الأدوية التي قد تساعد في تقليل سلس البول. بعض الأدوية تعمل على تقليل تقلصات العضلات التي تؤدي إلى مشاكل في المثانة النشطة بشكل مفرط. بينما تعمل أدوية أخرى على استرخاء العضلات لتمكين المثانة من التفريغ الكامل.
في العديد من الحالات، يمكن أن تحقق الأدوية نتائج فعالة في استعادة الوظيفة الطبيعية للمثانة.
يقوم مقدم الأطباء باختيار الدواء الأنسب بناءً على احتياجاتك الخاصة. عادةً ما يبدأ مقدم الرعاية بجرعة منخفضة من الدواء ويزيدها تدريجياً لمراقبة فعاليته وتقليل احتمالية الآثار الجانبية.
تشمل الأدوية الشائعة لعلاج سلس البول:
- أوكسي بوتينين (Oxybutynin).
- تولتيرودين (Tolterodine)
- سوليفيناسين (Solifenacin)
التقنيات السلوكية
قد يوصي الطبيب بمجموعة من الاستراتيجيات السلوكية للمساعدة في التعامل مع سلس البول، وتشمل:
تدريب المثانة
يشمل تأخير التبول عند الشعور برغبة ملحة، بدءًا من حبس البول لمدة 10 دقائق عند كل شعور بالحاجة للتبول. الهدف هو زيادة الفترات بين مرات الذهاب إلى المرحاض تدريجيًا، حتى تصل إلى التبول كل ساعتين ونصف إلى ثلاث ساعات ونصف.
إفراغ المثانة مرتين
يساعد إفراغ المثانة مرتين على ضمان تفريغها بالكامل وتجنب سلس البول الفيضي. يتضمن ذلك التبول، ثم الانتظار لبضع دقائق قبل محاولة التبول مرة أخرى.
تحديد جدول زمني للذهاب إلى المرحاض
قم بإنشاء جدول للتبول بانتظام، كل ساعتين إلى أربع ساعات، بدلاً من الانتظار حتى تشعر بالحاجة لذلك.
تنظيم شرب السوائل والنظام الغذائي
قد يساعد ضبط كمية السوائل التي تشربها وتعديل نظامك الغذائي في تحسين السيطرة على المثانة. قد يتطلب الأمر تقليل أو تجنب الكافيين والأطعمة الحامضة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساهم إنقاص الوزن الزائد، أو زيادة النشاط البدني في تخفيف الأعراض.
تمارين قاع الحوض
قد يوصي الطبيب بممارسة تمارين تقوية عضلات التحكم في التبول لتعزيز قدرتك على التحكم في سلس البول. تعرف هذه التمارين أيضًا بتمارين كيجل.
وهي فعالة بشكل خاص في علاج سلس البول الإجهادي، ويمكن أن تكون مفيدة أيضًا في حالات سلس البول الإلحاحي.
لتنفيذ تمارين عضلات قاع الحوض، اتبع هذه الخطوات:
- تخيل أنك تحاول إيقاف تدفق البول. ثم قم بشد العضلات التي تستخدمها لهذا الغرض، حافظ
- على هذا الوضع لمدة خمس ثوانٍ، ثم استرخِ لمدة خمس ثوانٍ. إذا كان الأمر صعبًا في البداية، يمكنك البدء بشد العضلات لمدة ثانيتين والاسترخاء لمدة ثلاث ثوانٍ.
- حاول زيادة مدة الشد إلى 10 ثوانٍ في كل مرة تقوم بها بالتمرين.
- الهدف هو أداء ثلاث مجموعات من التمارين يوميًا، مع تنفيذ 10 تكرارات في كل مجموعة.
العلاج الجراحي
في حال لم تُساعد العلاجات الجراحية في تخفيف أعراض لعلاج سلس البول، قد يُوصى بالعلاج الجراحي. تشمل الخيارات الجراحية:
- تثبيت عنق المثانة: وتتضمن توفير الدعم للإحليل وعنق المثانة.
- جراحة تصحيح تدلي الحوض: تتضمن إصلاح تدلي الحوض الذي يؤثر على المثانة والأعضاء الأخرى.
- العضلة العاصرة البولية الاصطناعية: يتم في هذه العملية زرع حلقة صغيرة مملوءة بسائل حول عنق المثانة للحفاظ على إغلاق العضلة العاصرة البولية حتى يكون هناك حاجة للتبول. وعندما يحتاج الشخص إلى التبول، يضغط على صمام مزروع تحت الجلد، مما يطلق الهواء من الحلقة ويسمح للبول بالخروج من المثانة.
المراجع:
- Urinary incontinence – Diagnosis and treatment – Mayo Clinic. (2023, February 9). https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/urinary-incontinence/diagnosis-treatment/drc-20352814
- Urinary incontinence. (2024, May 1). Cleveland Clinic. https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/17596-urinary-incontinence#management-and-treatment